أبو الأحرار الزبيري | قراءةٌ في القصيدةِ والثورةِ والانسان
وصف الفيديو
أبو الأحرار الزبيري | قراءةٌ في القصيدةِ والثورةِ والانسان على قناة: Abdullah Esmail في يوتيوب بواسطة منصة يمن فيديو - نافذة الفيديو الموحد في اليمن، فضاء إعلامي مُنتقى وأكثر تخصصاً. ترى هل كان يدور في عقل هذا الفتى أنه سيكون موقد ثورة ووقودها، ، وهل أحس من يحيطون به ذلك البريق الخفي في نظرته العميقة الهادئة، أما هو فيحدث عن نفسه قائلا:
(بدأت حياتي طالب علم ينحو منحى الصوفية لم يستطع أن ينتزعني من هذه الأجواء غير نشدان الشعر والأدب، ولم تستطع أن تصرفني عنها وتصدني عن التفرغ لها إلا المعارك النضالية السياسية التي تمخضت عنها الحياة الأدبية. فروحانيتي جنى عليها الأدب، وأدبي عوقب بالسياسة
لقد أعلنها بعد ذلك قوية مدوية تنبئ عن طاقة متوثبة وعزيمة لا تعرف الكلل ومشروع لا تردد فيه وامتزجت روحه بالشعر وامتزج بها فصارا كيانا واحدا فإن شئت قلت هو الشعر وأن شئت قلت الشعر هو ولا فرق:
أحب القريض وأحيا به مع الهول طفلاً ضحوكاً لعوبا
وروح الطفولة في نزعتي وفنِّي ستمنعني أن أشيبا
وأما البياض على مفرقي
فقد صار كالناس لوناً كذوبا ومن مقارعة الطغاة وحلم التحرر توثبت روح الزبيري بثورية ملتهبه لم تزل تتوقد حتى أيقظت ضمير شعب وأحيت موات أمة وهو في كل مراحل نضاله على يقين من صدق قضيته ومن نجاح مشروعه فكان شعره بحق (يعبث برؤوس الملوك يقذفها جوا ويطرحها أرضا ويزغرد بها فرحا ويئن منها جزعا. يطاردها وتطارده ويقتلها وتقتله السن بالسن والعين بالعين والحروب سجال) (5) كفرتُ بعهد الطغاة البغاة
وما زخرفوه وما زيفوه
وأكبرت نفسي عن أن أكون
عبداً لطاغية ٍ توّجوه
وعن أن يراني شعبي الذي
يُعذب عوناً لمن عذّبوه
أأجثو على ركبي خاشعاً
لجثة طاغية حنّطوه
أألعقه خنجراً قاتلاً
لشعبي وأُكثر فيه الوُلوه
أنا ابنٌ لشعبي أنا حقده
الرهيب أنا شعره أنا فوه
أتعنو لطاغيةٍ جبهتي؟
فمن هو من أصله من أبوه ولئن كانت أشدَّ ساعات الضعف البشري عندما تتعرض لأذى السجن الظالم فإن السجن لم يزده إلا تلهبا ولم ينل من روحه وعقله وإن نال من شخصه البشري فغادر السجن هادرا:
خرجنا من السجن شُمَّ الأنوف
كما تخرج الأُسْدُ من غابها
نمرُّ على شفرات السيوف
ونأتي المنية من بابها
ونأبى الحياة, إذا دُنست
بعسف الطغاةِ وإرهابها
ونحتقر الحادثات الكبار
إذا اعترضتنا بأتعابها
ونعلم أن القضا واقعٌ
وأن الأمور بأسبابها
ستعلم أمتنا , أننا
ركبنا الخطوب حناناً بها ولما كانت مأساة الشعب تنبع من تحكم الطغاة في مصيره باسم الدين كان لابد للزبيري أن يُعَرِّي هذه الكذبة الباهتة وأن يسلب الطغاة مطيتهم التي يسومون بها المكدودين الضعفاء، ففلسفة الدين الذي جاء به الأنبياء هي السعادة للعالم وتحريره بالعبودية لله، وليس مسخها في قالب من استعباد الخلق للخلق باسم الله – زورا وبهتانا –
ليس في الدين أن نقيم على ضيم
ونحني جباهنا للدنيَّةْ
ليس في الدين أن نؤله طغياناً
ونعنو للسلطة البربريَّةْ
ليس في الدين أن تقدس جلاداً
ويمناه من دمانا رويَّةْ
لعن الله كل ظلم وجور
لعنةً في كتابه سرمديَّةْ
فليمت من يضفي على الظالم الطاغي
رداء الجلال والقدسيَّةْ
الركوع الذليل لغير وجه الله
رجوعٌ بنا إلى الوثنيةْ ولكن ألف عام من حكم الإمامة كان لا بد أن تترك أثرها على الشعب المغلوب على أمره وكما تألف الشاة أسرها فلا تغادره حتى ولو كان بابها مواربا مفتوحا، ألف الناس أسرهم فلم يصدقوا أن باستطاعتهم أصلا التخلص من هذا الأسر فكان لابد أن يحرك فيهم نخوة أمجاد الآباء أن لم تتحرك بهم مشاعر التغيير للأفضل ورغبة الإصلاح والتطور:
أبناء قحطانٍ عبيدٌ بعد ما
عَبَدَتْهُمُ الزعماء والحكامُ
كانت سيوفهم تؤدب كل
جبار بغير السيف ليس يقامُ
كانوا الأباة وكانت الدنيا لهم
والملك والرايات والأعلامُ
نزلوا بيثربَ والعراقِ فشيدوا
ملكا كبير الشأن ليس يرامُ
وهم الأولى اقتحموا على أسبانيا
أسوارها فتحكموا وأقاموا
وهمُ بمعترك الحروب صوارمٌ
وهمُ لبنيان العروش دعامُ
كانوا بأعصاب العروبة ثورة
تُمحى الملوك بها وتُرمى الهامُ
كانت سيوفهم تضيء فتمنح
التأريخ أُفقاً ليس فيه ظلامُ ثم يصرخ في ألم متسائلا عن سرِّ تلك الغفلة عن ذلك الماضي العريق:
ماذا دهى قحطان؟ في لحظاتهم
بؤس وفي كلماتهم آلامُ؟ ؟
جهلٌ وأمراضٌ وظلمٌ فادحٌ
ومخافةٌ ومجاعةٌ وإمامُ
والناس بين مكبل في رجله
قيْدٌ وفي فمه البليغ لجامُ وتفشل ثورة 1948 ويساق الثوار إلى ساحات الإعدام مكبلين يلمع السيف فوق أعناقهم ويهتف الشعب بحياة جلاده وموت محبيه فيقول:
أنا راقبت دفن فرحتنا الكبرى وشاهدت مصرع الابتسامةْ
ورأيت الشعب الذي نزع القيد
وأبقى جذوره في الإمامةْ
وإذا بالطبول عادت طبولاً
وإذا بالفطيم يلغي فطامهْ
وإذا بالدستور يصرعه البغي
ويلقي كصانعيه حِمامهْ
وإذا الشعب بعدما حطم الأصفاد
عنه لم نلق إلا حطامهْ
نحن شئنا قيامه لفخار
فأراه الطغاة هول القيامهْ ولكن أملا يعاوده ويظن ظناً هو أشبه باليقين أنها مرحلة لا بد أن يجتازها الشعب والأحرار والجلاد وأن كل يوم يمضي يقرب من فرج الناس ويدني نهاية الملحمة:
سأنبش الآهَ من تحت الثرى حِمَماً
قد أنضجتْه قرونٌ من تلظّيهِ
وأجمع الدمعَ طُوفاناً أُزيل بهِ
حكمَ الشرورِ من الدنيا وأنفيهِ
أُحارب الظلمَ مهما كان طابعُهُ الْـ
ـبَرّاقُ أو كيف ما كانت أساميهِ عبدالله اسماعيل، بالمسند، أمين جابر
التصنيف:
العلوم والتكنولوجيا